الباحث عبد الرحمن المليكي في حوار متحدثا عن أسباب استهداف النظام لتعز وأهميتها الإستراتيجية
قال الباحث/ عبد الرحمن عبد الجليل المليكي إن ما يذكره بعض المحللين والمهتمين بالشأن الثوري في اليمن ولاسيما تعز، يتسم بالبساطة، وأكد في الوقت ذاته أن الثورة وإن ماتت في تعز حسب ما يرى بعض المحللين فإنها لن تموت في بقية المحافظات..
وفي حوار خاص أجرته معه “أخبار اليوم” حول رؤيته التحليلية عن الأحداث وسر استهداف محافظة تعز من قبل النظام ـاستعرض المليكي ـ وهو محلل اجتماعي وسياسي وخبير في شؤون الثورة اليمنية ـ جملة من المعطيات التي تعد في غاية الأهمية والخطورة ذات الصلة بموضوع الحوار وهو تطورات الأحداث الميدانية في محافظة تعز برؤية تحليلية ذات عمق خاص مستنداً في قراءته إلى اطلاعه إلى بعض الكتابات التي تناولت الشأن اليمني داخلياً وخارجياً.. فإلى الحوار:
حاوره / بسام غبر
× لماذا تحظى تعز بكل هذا القصف والقتل اليومي بالرغم من أنها أقل المحافظات التي قد تشكل تهديداً عسكرياً على النظام؟.
×× أولاً مرحباً بكم… وإجابة سؤالك باعتقادي هو أن تعز تحظى بأهمية بالغة وإستراتيجية لطرفي الصراع في اليمن.. الرئيس “صالح” من جهة وقيادة الثورة من جهة أخرى..
هذه الأهمية الإستراتيجية تتعلق بما يمكن أن نطلق عليه بترتيبات (المرحلة الأخيرة) في الصراع الدائر حالياً، “صالح ” يريد أن يحكم قبضته عسكرياً على تعز وأن يكسر إرادتها الثورية وصولاً إلى إزهاق روح الثورة في تعز، كل هذا ضمن خطة مدروسة ومبرمجة لإعداد تعز لتكون (ملاذاً آمناً للرئيس) يأوي إليه في حال أن تسقط الأمور من بين يديه في العاصمة صنعاء وسقوط المحافظات في الجنوب وبقية المحافظات في الشمال.
هو يريد أن يستأثر بتعز لتكون ملاذه الآمن ونظراً لأن بناء نظام صالح هو نظام عسكري أمني بالأساس، أي أن القادة العسكريين في المحافظة وتحديداً قيادة اللواء ( 33 ) ومعسكر الحرس الجمهوري بمنطقة الجند هم الحكام الفعليون في المحافظة.. ومؤخراً تم إضافة مدير أمن المحافظة “عبد الله قيران “.. وهؤلاء هم محطة ثقة الرئيس، وصلاحياتهم مطلقة ولديهم مهمتان رئيسيتان.. الأولى قمع وإخماد أي ثورة من قبل السكان المحليين في المحافظة وذلك من خلال السيطرة على جغرافيا تعز عبر اختيار مواقع المعسكرات.. لذا ما يحصل في تعز وما حصل سابقاً ( من إحراق ساحة الحرية – القصف والتدمير للأحياء والمنازل السكنية والذي لا يفرق بين معارض أو موالي للنظام – قتل النساء والأطفال والشيوخ – استهداف المنشآت الخاصة كالمستشفيات والمحلات التجارية والشركات التجارية – ضرب بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة – إرهاب المواطنين بنزول الدبابات إلى مداخل المدينة وكذا في بعض الشوارع الرئيسية) ومعالم هذه القبضة العسكرية ليست – كما يصورها إعلام النظام – بسبب تجاوزات يقوم بها المتظاهرون أو المسلحون، بل هو يجري ضمن خطة يجري تنفيذها بشكل تدريجي وبدأت فصولها منذ تعيين مدير الأمن الحالي ” قيران”..
أما المهمة الثانية فتتمثل بشراء الشخصيات التي تتمتع بثقل اجتماعي كالمشائخ، أو سياسي كقادة الأحزاب السياسية في المحافظة، أو اقتصادي،ككبار التجار ورجال الصناعة.. وذلك إما بالاعتمادات المالية للمشائخ مثلاً.. أو تسهيل تنفيذ المشاريع الخدمية عبر الشخصيات المتحالفة معهم فقط..هذا فضلاً عن التوظيف وتقديم التسهيلات التي قد يحتاجها أصحاب رأس المال في الدوائر الحكومية على مستوى المحافظة أو في الوزارات..
ترتيبات المرحلة الأخيرة
× قلتم ( ترتيبات المرحلة الأخيرة ) هلا اطلعتمونا عن تفاصيل هذه الترتيبات؟.
×× الوقائع تشير إلى أن صالح إذا لم يستطع إخماد الثورة في مختلف المحافظات فإنه سوف يلجأ إلى تسليم المحافظات التي في أقصى الشمال (صعدة – الجوف ـ حجة – المحويت) للحوثيين..
ودعم قيام كيانات مستقلة وهزيلة في كل من (البيضاء – مأرب) .. وإشعال فتيل الحرب (العسكرية عسكرية – العسكرية قبلية – القبلية قبلية) وذلك في كل من أمانة العاصمة وصنعاء وذمار.
وسيعمل النظام بكل ما أوتي من قوة على تغذية هذه الحروب بحيث تكون طاحنة ودائمة، وكذا التنسيق مع القادة الجنوبيين ذوي النزعة الانفصالية وتسليمهم محافظات عدن ولحج، وتسليم أبين وشبوه للقاعدة، ودعم كيان انفصالي في حضرموت والمهرة، وهو سوف يتجه للاحتفاظ بالمنطقة الوسطى والتي مفتاحها تعز، ويمكن أن يضيف إليها إب، وسيقوم بدعم كيان مستقل في الحديدة أو ضمها إليه.
وقد بدأ تنفيذ هذا المخطط فعلاً كما هو الحال في أبين.. وتؤكد ما نقرأه في الصحف من أخبار حول أن هناك حواراً سرياً بين الحوثيين وصالح… وكذا بعض القيادات الانفصالية وصالح يهدف فضلاً عن تجهيز (ملاذه الآمن في تعز) فإنه من خلال سيطرته على تعز أن يثبت وجوده كلاعب إقليمي ودولي حتى بعد فقدانه السيطرة على مختلف المحافظات في اليمن.
المقومات التي تمتلكها تعز
هل أفهم من حديثك أن هناك خطة من قبل النظام لنقل العاصمة من صنعاء إلى تعز؟.
يجب أن تعلم أن النظام يعلم أن تعز تمتلك كافة المقومات لتكون دولة وتمتلك من الجغرافيا والديمغرافيا مؤهلات قيام الدولة وليس مجرد عاصمة فقط، فتعز تمتلك الكادر البشري المتعلم المؤهل الذي يستطيع أن يدير مفاصل الدولة بكفاءة، كما أنها تعد المحافظة الأولى من حيث عدد السكان، كما يمكن الاستفادة من هذا العدد بتكوين جيش جرار يحمي الدولة الوليدة، كما كانت تعز إلى وقت قريب عاصمة للصناعة والتجارة، أي أنها لديها نخبة صناعية وتجارية على درجة عالية من الاحتراف.
ولا نبالغ بناءً على ما حققته من مكاسب أن نقول إنها الأفضل على مستوى اليمن وهذا معناه تأسيس اقتصاد قوي ونشط للدولة الوليدة التي يسعى النظام لخلقها، كما أن جماعات الضغط فيها(القادة السياسيين والوجاهات الاجتماعية) تميل إلى الطابع المدني في تعاملها مع السلطة لأخذ الحقوق بدلاً عن الضغط بالسلاح والواجهات العسكرية،وكذلك سلاح قبائل تعز هو سلاح خفيف مما يعني أن السيطرة العسكرية عليها لن تكون عالية الكلفة على عكس لو استمر الرئيس في الحكم من العاصمة، حيث تمتلك القبائل عتاداً عسكرياً متوسطاً وثقيلاً ولا ينقص هذه القبائل سوى الدبابات والطائرات، وهذا السلاح الخفيف الذي لدى قبائل تعز لن يشكل قلقاً للرئيس الذي يستطيع معه النوم في قصره وهو قرير العين، كما يوجد في تعز الكثير من الوديان الصالحة للزراعة والتي تكفي الدولة الوليدة في حال تعرضها لحصار.
أمر آخر في غاية الأهمية..هو أن تعز تطل على ممر مائي بالغ الأهمية وخصوصاً لأوروبا ودول الإقليم، مما يعني حرص هذه الدول على إقامة علاقات طيبة مع صالح ودولته التي ينوي إقامتها في تعز، ويستطيع الرئيس صالح من خلال تعز أن ينشئ منطقة حرة تنافس المنطقة الحرة بعدن وهذا المنطقة ستمكنه من الحصول على موارد ضخمة كون مشروع المنطقة الحرة بعدن يعد أهم مشروع استراتيجي لليمن بأسره، بل إن أهميته تتعدى النفط والغاز من وجهة نظري..
الرئيس يعلم كل هذا، وهو يعلم أيضاً أن من يسيطر على تعز يستطيع أن يتحكم في تحديد مستقبل اليمن وإرغام القوى الإقليمية والدولية للتعاطي معه خصوصاً في التنافس بين هذه الدول للحفاظ على مصالحها وتحقيق أفضل مكاسب ممكنة.
ساحة للصراع الإقليمي والدولي
× هل يعني هذا أن تعز يمكن أن تتحول إلى ساحة للصراع الإقليمي والدولي؟.
×× نعم هذا ما عنيته وسنشاهد تنافساً بين قوى إقليمية كالسعودية وإيران واهتماما من الإمارات وقطر والكويت، كما سنشاهد تنافساً بين دول الاتحاد الأوروبي ( فرنسا – بريطانيا – ألمانيا – هولندا ) فيما بينها وبين هذه الدول مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأتوقع أن تدخل الصين وروسيا كلاعب قوي لضمان مصالحهما وخصوصاً سهولة تدفق البضائع لدول شرق وشمال أفريقيا والدول المطلة على البحر المتوسط ودول القارة الأوروبية.
من المهم أن أشير هنا إلى أن إسرائيل لابد وأن تعمل على موطئ قدم لها في هذه المنطقة الحساسة من العالم، وقد بدأت فعلياً وقبل فترة طويلة من الزمن عبر إريتريا بل إن البعض يشير إلى أن هناك تواجد عسكري إسرائيلي في بعض الجزر اليمنية القريبة من مضيق باب المندب في ظل إهمال الحكومة اليمنية لهذه المنطقة الحيوية للتجارة العالمية وتدفق النفط للعالم المتقدم
هذا التدخل سيكون ملحاً خصوصاً إذا أطلت إيران برأسها في هذه المنطقة عبر اتفاقيات تعاون (مع دولة صالح التي ينوي إقامتها في تعز) في المجال الاقتصادي والعسكري والتقني والإنساني… إلخ، الأمر الذي سيسمح لإيران أن تتواجد قطعها العسكرية البحرية، فهناك تدور أخبار في دهاليز السياسة أن هناك حواراً سرياً بين صالح والإيرانيين… بهذا الشأن تستطيع إيران أن تضمن من خلاله دوراً مؤثراً في هذه المنطقة، كما أميل إلى أن إثارة قضية (اغتيال السفير السعودي بواشنطن) في الأشهر الماضية هو من أجل إيجاد مبررات لتهديد إيران بضربة عسكرية للحد من نفوذها المتنامي بالمنطقة عموماً وفي الجزيرة العربية على وجه الخصوص.
اتفاق بين جماعة الحوثي والنظام
كما تقول أن هناك حواراً سرياً بين إيران وصالح هل هناك مؤشرات لذلك؟.
المتتبع لسير الأحداث ينظر بعين الريبة لتحركات الحوثيين في شمال الشمال،والتي تحاول بسط كامل نفوذها على تلك المحافظات بالقوة، وكلنا كان يقرأ في الصحف أن هذه التحركات تتم بالتنسيق مع صالح وابنه احمد، وهذا يعني أن الجماعة انخرطت بصورة أو بأخرى في مشروع “صالح” لتقسيم اليمن، والذي يتم السير فيه بمحاذاة الحل السياسي،والذي يعطي “صالح ” الوقت اللازم لتنفيذ مخططه، فالبعض يرى أن الجماعة وافقت على السير في هذا المخطط الذي ستحقق فيه جملة من المكاسب منها ” رقعة جغرافية تحكم سيطرتها عليها و توفير فرصة للحليف الإقليمي للجماعة ( إيران ) في إيجاد موطئ قدم لها في البحر الأحمر مقابل الضغط على جماعة الحوثي للسير في مخطط صالح “..
مبررات حرب صالح على تعز
× هل يعقل أن يترك “صالح ” ما يتيح له الحل السياسي من ضمانات وحصانة تكفل له التمتع بما جمعه من ثروات في أفضل مدن العالم، ويتوجه إلى تعز ليخوض مواجهة احتمالات خسارته فيها كبيرة جداً؟.
×× سؤال جيد ومهم، يجب أن تعلم أن الزعماء العرب و” صالح “منهم يتعاملون مع مناصبهم على أنها حقوق مكتسبة بمعنى أنهم المُلاك للأرض والإنسان..
وكلنا يعلم قداسة الأرض في عقلية الحاكم العربي، فالموت أهون عليه من أن يتنازل عن الحكم، ولهذا تجد أن كل الزعماء العرب بقوا في بلدانهم ولم يخرجوا منها بدءً من صدام حسين الذي عرضت عليه الإمارات الاستضافة قبل هجوم قوات التحالف على العراق والى مبارك والقذافي، حتى زين العابدين فقد تمت خديعته حيث طلب المقربون منه أن يغادر مؤقتاً على أن يعود ولولا هذا ما ترك تونس.
سبب آخر.. أن هؤلاء الزعماء محاطون بحاشية لا عمل لها سوى التمجيد بتصرفاتهم وأفعالهم حتى ولو كانت ستؤدي إلى نهايتهم، لأنهم لا يجرؤون على انتقاده وتحميله مسؤولية الأخطاء التي قد يرتكبها، لذا فإن هذه الأخطاء تتراكم إلى أن تقضي عليهم دون أن يستطيع أحد تنبيههم لها.. سبب ثالث أن هؤلاء الزعماء يعتبرون أنفسهم أذكى وأمكر وأقدر الناس في بلدانهم لذا فمهما كان مؤشر أسهمهم يهبط ويقترب من الإفلاس، إلا أنهم يتوهمون بأن لديهم من القوه والسلطة والمال ما يستطيعون به تدارك الموقف واستعادة السيطرة على الأمور.. ولقد أثبتت الأحداث في الثورات العربية ” تونس ومصر وليبيا” أن هذا نوع من الحيل النفسية التي تحتال على الاعتراف بالهزيمة والخسارة.. ولو تأملت خطابات صالح وتصرفاته ستجد أنه لن يقبل بالحل السياسي وأنه في حال سيطرته على تعز سيلجأ لتفجير الأوضاع عسكرياً لقمع الثورة في مختلف المحافظات واعتبار تعز قاعدة انطلاق لاستعادة السيطرة على بقية المحافظات.
أهمية إستراتيجية
× أشرتم في بداية الحوار إالى أن تعز لها أهمية إستراتيجية لدى قيادة الثورة..أين تكمن هذه الأهمية؟.
×× يتحدث أغلب المحللين والكتاب عن هذه الأهمية على اعتبار تأثير ساحة الحرية بتعز على بقية الساحات في عموم المحافظات، من حيث تصاعد وتيرة الفعل الثوري في بقية المحافظات عند تعرض ساحة الحرية بتعز للاعتداء أو حتى المدينة ذاتها، وهذا نوع من التبسيط..
× فلو انتهى الفعل الثوري في تعز مثلاً هل سيخمد الفعل الثوري في بقية الساحات أو سيخف؟؟!!..
×× لا أتوقع ذلك مطلقاً، فالثورة أصبحت الفرصة التي لم ولن تعوض لجموع الشعب اليمني والتي لديها رغبة جارفة في التغيير والعيش الكريم وبناء دولة محترمة تحفظ الحقوق والحريات، لذا فإن الفعل الثوري لن يخمد في تعز ولا في غيرها من المدن..هذه نقطة، والنقطة الأخرى لمسناها جيداً في هروب صالح من الحل السياسي قبل أن يوقع على المبادرة الخليجية ومحاولة جر أحزاب اللقاء المشترك إلى ما أطلقوا عليه (الآلية التنفيذية) والدخول في بحر من التفاصيل، والنظام يهدف من هذا كسب الوقت لتفجير الأوضاع عسكرياً في صنعاء بعد أن تتم سيطرته المطلقة على تعز، هذا بالنسبة لصالح.
أما اللقاء المشترك فهو يرى أن سيطرة النظام على تعز هي بالنسبة له مسألة حياة أو موت، لذا فهي تعمل على إفشال مخطط صالح في سيطرته على تعز هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن قيادة المعارضة تعتبر تعز قاعدتها الخلفية أو بنى غازي اليمن ذلك أنها تعد مكاناً مثالياً لقيادة العمل الثوري في مختلف المحافظات في حال تعذر ذلك في العاصمة إن قام صالح بإشعال الحرب فيها، ويساعدها في ذلك أن المخزون الضخم من الإرادة الثورية والتي تستمد جذوتها من مستوى الوعي العالي الذي يتمتع به سكان تعز.
لذا فإن قيادة الثورة تحاول الوقوف ضد كل المحاولات التي يخطط ويسعى لها نظام” صالح” للسيطرة العسكرية على هذه المدينة، ولقد استطاعت أن تحقق نجاحات يشهد لها، حيث استطاعت أن تصد محاولات اقتحام المدينة بالمصفحات والدبابات، رغم أن تسليح المسلحين المؤيدين للثورة من أبناء القبائل تسليح خفيف، كما أن سيطرة قيادة الثورة على تعز يعني رسالة قوية للوسط الإقليمي والدولي بأنها المتحكمة بالأمور وليس صالح، الأمر الذي سيفتح لها الأبواب وتستطيع أن تجبر الدول التي لها مصالح في هذه المنطقة من دعم الثورة، والتوقف عن دعم صالح.
ذكرت سابقاً أن تعز لها ثقل اجتماعي،ما هو موقف مشائخ تعز بنظرك مما تتعرض له تعز؟.
مشائخ تعز هناك من انضم للثورة، والكثير حاولوا أن يمسكوا العصا من الوسط، لا يريدون أن يخسروا أفراد قبائلهم والراغبين في التغيير، ولا يريدون أن يخسروا النظام ومصالحهم.. ولقد تواصلت قيادات الثورة في تعز مع مختلف المشائخ ويبدو أنها توصلت معهم إلى ما يمكن أن نسميه الحياد الإيجابي، فهم إن لم يكونوا مع الثورة فلن يكونوا ضدها وهذا نجاح كبير، ولمحاولة استعادة” صالح” لمشائخ تعز قام بتعين الشيخ عبد الرحمن محمد على عثمان شيخ مشائخ تعز في رئاسة مجلس الشورى بعد الفشل الذريع الذي لقيه الصوفي وقيران وقيادات الوحدات العسكرية، خصوصاً وأن هذه الشخصية تتمتع بنوع من القبول لدى مشائخ تعز.
مهمة
× هل تتوقع أن يحقق الشيخ عبد الرحمن محمد علي عثمان نجاحاً في مهمته لصالح؟.
×× ج: لا أتوقع له ذلك.. لأن ما يريده النظام هو تحويل قبائل تعز ومشائخها إلى بلاطجة وقتلة، وهو ما لا يمكن أن يقبل به مشائخ تعز، وإن كان الأمر لا يخلو من تحقيق بعض الاستجابة لدى بعض المشائخ، إلا أنه لن يكون مؤثراً.
آلية السيطرة
× بظنك ما هي الآليات التي يعتمدها طرفي الصراع للسيطرة على تعز؟
×× بالنسبة للرئيس هناك عدة آليات نسرد منها التالي :
1- السيطرة العسكرية على مختلف المناطق الحيوية في تعز، ووضع وحدات او مواقع عسكرية لعزل المديريات عن بعضها البعض بهدف سهولة ضرب كل مديرية بمفردها.
2- استقطاب الواجهات الاجتماعية والشعبية بمختلف الوسائل.
3- البدء بتنفيذ مشروع الثورة المضادة، والتي يتركز حول القيام بمجوعة من الإجراءات التي تجعل الناس يكرهون الثورة والتغيير، كقطع الطرقات وأزمة المشتقات النفطية وتراكم القمامة في الشوارع وقطع خدمات الماء والكهرباء،وانتشار الجماعات المسلحة في الشوارع وقيامها بأعمال البلطجة وفرض مبالغ نقدية على التجار ونهب المحلات التجارية (وهذا ما يحصل اليوم).
4- تفريغ الساحة من المعتصمين عن طريق استهداف المتواجدين بأعمال القنص أو إرعابهم بضرب الساحة بالأسلحة الثقيلة والدبابات.
5- بث روح التفرقة بين القيادات الشبابية والأحزاب وبين الأحزاب بعضها البعض، وزرع قيادات تدعي الوطنية وهي تعمل على توسيع هوة الخلاف بين الشباب والأحزاب، واختلاق المشكلات،والتشكيك بالأعمال الثورية أو الدفع بفعاليات ثورية غير ذات جدوى بل لها أثر عكسي كقطع الطرق تحت مسمى التصعيد الثوري… إلخ تلك الأساليب التي باتت مكشوفة.
6- مواجهة المسلحين الموالين للثورة بعصابات من المدنيين موزعين على مستوى الأحياء وفي الأرياف مهمتهم قتل الثوار وبث الخوف والرعب بين المواطنين واستهداف المسيرات.
7- استخدام القوة المفرطة في التعامل مع المسيرات بحجة عدم ترخيصها وقمعها وتفريقها عبر البلاطجة أو قوات الأمن والجيش واختطاف الناشطين واستهداف النساء بالقتل والضرب لإرهاب النساء بحيث يخبو الزخم الثوري شيئاً فشيئاًَ وبحيث يبقى قلة من الثوار لا يشكلون زخماً شعبياً.
8- التهديد بالضرب بالطائرات عبر طلعات جوية فوق المدينة ومناطق التوتر في المحافظة، واللجوء بالضرب بالطيران في حال خروج الأمر عن السيطرة.
9- الحد من مشاركة الناس في الفعاليات الثورية عبر نشر الأكاذيب أو إجبار موظفي الدولة على مقاطعتها من خلال الخصومات المالية لمن يشارك، أو تلفيق القضايا للناشطين لشغلهم عن المشاركة من جهة ولجعلهم عبره لغيرهم مما سيؤدي إلى الكف عن المشاركة في الفعاليات الثورية.
أما بالنسبة للآليات التي تقوم بها قيادة الثورة:
1- الحفاظ على ساحة الحرية كرمز للثورة في المحافظة مهما كانت الظروف.
2ـ فتح أماكن للاعتصامات وساحات أخرى من أجل إبقاء جذوة الثورة مشتعلة لدى كافة الفئات الذين لا يستطيعون التواجد في ساحة الحرية، وقد بلغت هذه الساحات حوالي ( 18 ) ساحة وقد كان لهذه الساحات دور ضخم في إشعال جذوة العمل الثوري خصوصا ً في الريف، الأمر هذا تجلى في أبهى صورة في المسيرة الراجلة الحاشدة التي انطلقت من مديرية المعافر مشياً على الأقدام لأكثر من أربعين كيلو، والتي أعطت رسالة قوية للنظام بعدم جدوى إخفاء المشتقات النفطية.
3- إبقاء الفعل الثوري تحت التحكم الكامل عبر ضبط أداء فعاليات هذه الساحات من خلال كوادر أحزاب اللقاء المشترك المنظمة جيداً والخبيرة،وهذا مهم لضبط الأداء الثوري وللحد من الخلاف الذي قد ينشأ بسبب تعدد القيادات للفعل الثوري.
4- القيام بمسيرات حاشدة (مليونية) بين الحين والآخر للتأكيد للداخل والخارج أن الفعل الثوري مازال في أوجه.
5- توفير وسائل حماية المسيرات والاعتصامات وتعفيل مبدأ الدفاع عن النفس.
6- التواصل اليومي إعلامياً مع مختلف الشرائح الاجتماعية عن طريق نشرة يصدرها منتدى المبدعين بساحة الحرية اسمها (الحرية) والتي كان لها عظيم الأثر في حشد فئات كثيرة للثورة.
7- تشكيل المجالس الأهلية على مستوى المحافظة والمديرات لدعم الفعاليات الثورية من جهة وملى الفراغ الذي قد يحصل إذا انهار النظام.
8- تشكيل اللجان الأمنية لحماية الأحياء والمديريات من أي أعمال سلب ونهب أو تخريب.
الأدلة والبيانات
أختتم بسؤالي هذا وهو على ماذا تم استنتاج كل ما سبق..أي هل هناك أدلة أو بيانات واضحة تستند إليها؟.
ما ذكرته ليس مجرد أفكار أو تخمينات.. “صالح ” في مقابلة مع إحدى القنوات العربية كان أول من تحدث عن مشروع تقسيم اليمن إلى دويلات، في الشمال والوسط والجنوب، كما تحدث عن تنظيم القاعدة وسيطرته على أبين.
أهمية هذه المقابلة أن “صالح” بين فيها خطته في حال فقدان سيطرته على العاصمة خصوصاً بعد انضمام اللواء علي محسن وتأييده لثورة الشباب وانحياز أهم التكتلات القبلية للثورة والانهيار الذي حصل في سيل الاستقالات لمسؤولين وقيادين في الحكومة والمؤتمر الشعبي العام، بعد ذلك نجد أن الأحداث اتجهت نحو تسوية سياسية يهدف “صالح ” منها كسب الوقت، وفرض جملة من الوقائع على الأرض تؤكد صحة ما ذهبنا إليه.. ألا تدل المحاولات الحثيثة من قبل الحوثيين للسيطرة على المحافظات الشمالية تعد هذه المقابلة على صحة ما ذهبنا إليه ؟!.. ألا تدل الأحداث الجارية في أبين على صحة ما ذكرناه؟
ولو سألتك عن أهم الأماكن التي تم استهدافها من النظام بشكل يومي.. لقلت لي تعز وأرحب.. حسناً.. أرحب قبائل مقاتلة وشرسة ويمتلكون من الأسلحة والمعدات ما يجعلهم يستطيعون وقف زحف الدبابات والمعدات العسكرية بل وحتى اقتحام المعسكرات
ونظراً لأنها قد تمثل خنجراً يتم من خلاله إفشال أي عمليات عسكرية لما يقارب من (70 %) من قوات الحرس وهي الألوية التي توجد في مناطق أرحب والتي تطوق صنعاء الجهة الشمالية وتشرف على المطار…. إلخ ذلك من الأسباب، فقد قرر النظام التخلص من قبائل أرحب.. هذا يمكن أن نفهمه.. لكن لماذا يتم استهداف تعز وقبائلها مسالمة وتسليحهم خفيف أي أنهم لا يشكلون خطراً على النظام.. هذا ليس له سوى تحليل واحد هو الرغبة في السيطرة على تعز عسكرياً لاستخدامها كملاذ آمن “لصالح” ليقضي فيها بقية أيامه أو ليستعيد من خلالها السيطرة على بقية المحافظات التي خرجت عن سيطرته.. هكذا يفكر النظام.. وكل الوقائع على الأرض وخصوصاً في تعز تذهب بهذا الاتجاه.
المصدر : أخبار اليوم